وحش العالم السفلي

الطريق طويل ... وممتد ..
كما تمتد حياة (( العاصي )) أمامه حتى يظن ان .. لانهاية لها ...
والرحلة مازالت في بدايتها ..
كم اكره السفر بالسيارة .. وهذه الطريق .. لا تنتهي
بدأت أشعر بالإعياء ولم نبلغ منتصفها بعد ..
آآآه ..
يا لتلك النقرات البائسة المتواصلة على قمة رأسي وأسفله .. تكاد تفتك به ..
وكأن الأمر يحتمل أن يشن ذلك الغبي على أذني بزمور سيارته غارات متتالية لا تزيدها إلا طنينا ..
..أف .. أين هو ..؟؟ آآخ ..ما هذا الألم الفظيع في رأسي ..؟
لا أستطيع الالتفات حتى ..
يا لله ..
انه ثقيل .. لا أقدر على تحريكه ..
ارتعش جفني بسرعة مضطربة ..
وراح قلبي يخفق بجنون حتى أحسست أنه سيخرج من قفصه المكين ..
ما هذا الذي يحدث لي .. ؟؟
تسارعت أنفاسي .. ونزف جبيني بعرق محموم حاولت أن أرفع يدي لأمسحه ..
فلم ترتفع .. وكأنها كبلت بأغلال من حديد ..
فتحت فمي لأستغيث بمن حولي ..
فانحبس صوتي .. اختنق .. ولم يخرج ..
أحسست بدمي سرت فيه فورة بدأت من أخمص قدمي وواصلت ارتفاعها حتى بلغت عنقي ....
وكأنها يدان من الصلب تطبقان على شراييني في عزم على إزهاق روحي ..
حتى عجزت عن حمل رأسي ..
فسقط على صدري ..!!
يا إلهي ..
يا رب ..
مالذي يحصل لي .. فجأه ..؟؟ !!
ماهذا النفق الذي اقف على مشارفه .. طويل .. ممتد . !!
أرى فيه كل شيئ ..
زوجي .. ابنتي .. الطريق أمامي ..
ولكني عزلت عنهم تماما ..
مالذي يجري ...؟؟
هل ..
هل .. هو فعلا ..؟؟
أ هكذا يبدو ..؟؟
أهكذا يبدأ ..؟؟
..
لم أعلم انه سيأتي ... الآن ..!!
لا أريده أن يأتي ... الآن ..!!
ليس معي ما أحمله .. لهذه الرحلة ..
لم أعد العدة .. لهذه المرحلة ..
غرقت في بساتين حياتي .. أقتطف من كل ورودها .. ولم أحس بوخز أشواكها .. إلا الآن ..
ليتني حسبت حساب لهذه .. اللحظة .. !!
ليتني استظهرت لهذا .. اللقاء ..!!
كيف أقابله بيدين .. فارغتين ..؟ !
كيف أقابله .. بقلب فارغ ..خاوي .. لايسكنه الا سقط المتاع ..؟ !
..
ليتني أعود للحياة .. ولو للحظه ..
لأستزيد من زاد الدنيا .. للآخره ..
ليت الزمن يعود لدقائق ..
لأتذلل لله ..... بركعه .. !!
وابلل خدي من خشيته ..... بدمعه .. !!
واطفئ غضبه علي ..... بصدقه .. !!
واتقرب من عتبة جنانه ...... ببر والدي ..!!
ولكن ..
آآخ ..
((حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )) اشهد ان لااله الا الله ..
واشهد ان محمدا رسول الله .. اذا .. فلقد قضي الامر
انا الآن .. على الجانب الآخر ..
أنا الآن .....في العالم الآخر ..
ولن اسمع بعد ذلك من الأهل والأصحاب إلا وقع أقدامهم .. مدبرين ..
..
لكن ..
رعشه صغيره
تسري في اصبعي ..!!!
نسمات هواء تتسلل إلى رئتي ..!!
بدأ الثقل ينزاح عن صدري .. شيئا .. فشيئا ..
ويدي ..
ياللعجب ..إنها تتحرك من جديد ..
ما بالها تهتز بهذه القوه ..
وما هذا الصوت الذي بدأ يرتفع يكاد يصم أذني ..
(( ........,
,
أصحي , اصحي , .. وشفيك ..
بسم الله الرحمن الرحيم ..
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
اصحي ..
شكله جاثوم ..
تعوذي من ابليس وخلاص .. بلاش نوم ..)) ومد يده فاخذ من يدي كتاب وضعه جانبا ..
وكان مكتوبا عليه ..
أسطورة آخر الليل .
د. احمد خالد توفيق ..