بذرة تحت أوراق الخريف

بذرة...تحت أوراق الخريف
في أحد الأيام يا صديقي ... ومن سالف العصر والأوان
طارت بذرة صغيرة مع الرياح القويّة في سماء الأزمان
حملتها الرياح بجنوح طويلا منتقلة من مكان إلى مكان
وسكنت الريح فجأة فهوت البذرة وسقطت في الأطيان
كان الخريف قد أَزِفَ بأوراقه الصفراء تتهادى بالمكان
غطّت الورقات البذرة ..ونامت تلك تلفها الأحلام بأمان
تناثرت حبّات الطلّ من الغيوم .. وأشربتها ماء الظمآن
سكنت البذرة طويلا ..وهي نائمة بعمق تحت الأغصان
مرّ الشّتاء ببرده وصقيعه ... برعده وبرقه .. والأحزان
ثم أقبل الربيع وهو يختال ببراعمه وخضرته والألوان
وتغلغلت أشعة الشمس بدفء... تخترق طبقات الأطيان
فاستيقظت البذرة ...وتمطّت ...ثمّ مدّت جذورها بإمعان
ونبتت فوق التراب بادرة صغيرة خضراء كورقة الرمان
وكبرت وهي تمتصّ نور الأمل وتتنفّس أوكسجين النسيان
صارت مع الأيام شجيرة بجذورها العميقة تتحدى الزمان
وتفتحت براعمها أزهارا شفافةً... فكانت بتلاتها بلا ألوان
تنثر عبيرها العطر مع النسمات .. لتحملها إلى كلّ مكان
وتنفرط وتتمزّق بتلات زهرتها ...إن لمسها بقسوة إنسان
إنها كزهرة الياسمين البيضاء الحساسة في زمن قاسٍ منّان
هي رهيفةٌ ... فوّاحةٌ ...عذبةٌ ... تعيش بصمت .. وولهان
لكنّ جذورها ضاربةٌ في الأعماق تغذّت من ماء الأحزان
واعلم يا صديقي !...أنّ هذه الزهرة هي نفسي في هذا الزمان
وهذه الشجيرة صديقي! هي أنا بكلّ ما تحمل من معان وإتقان
تعاقبت عليها الفصول الأربعة طويلا... فعلمتها القسوة والحنان
أرجو أن تنال تقبلكن
بقلمي