الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
مؤيدة بنصر الله
18-12-2022 - 07:24 pm
  1. وضعت رأسها بين كفيها :

  2. والآن، لا تدري أهي نعمة أم نقمة ، هذا الحمل المتأخر ..

  3. رفعت السماعة بجنون يتوشّح الهدوء :

  4. وافقهاعلى الفور وحمد الله أنَّ كل شيء بخير ...


* خيوطٌ من نورٍ لا ينقطع *
ترتجف يدها كمن وصل برد الجليد والصقيع حتى عظامه ، وشفتاها عاجزتان عن الكلم ، وبفزع تراقب عيناها الخطين الظاهرين على أنبوب اختبار الحمل ...
  • لا .. لا يمكن أن أكون حاملا ، لا أريد ن أكون حامل ، يا ربي ! ساعدني !

وهو يحاول أن يخفف عنها :
  • إنها مشيئة الله !

وضعت رأسها بين كفيها :

لا تريد طفلا جديدا ... أكرمها الله بأطفال ملائكة ، ذكورا وإناثا .... ما أجملهم !
ولكن لن تنسى عذابها بالحمل بهم وبإرضاعهم ، بعدم نومها في الليل لبكائهم ، وبكفاحها لإزالة آثار الحمل واسترجاع رشاقتها ،بمسؤولية تربيتهم ، بخوفها عليهم عند ذهابهم للمدرسة ، وعند رجوعهم ، وعند خروجهم ، وحتى في نومهم ، تستيقظ لتغطيهم وتقرأ لهم الأذكار والتحصين .. بلهاثها عقدين من الزمن وراءهم ، ككلب وفيّ ليس همه سوى إرضاء صاحبه ..

والآن، لا تدري أهي نعمة أم نقمة ، هذا الحمل المتأخر ..

رفعت السماعة بجنون يتوشّح الهدوء :

  • ألو .. كيف حالك يا "غصون " ! أرجوك أخبريني ماذا فعلتِ حتى تجهضي طفلك الأخير ؟؟
  • لا حول ولا قوة إلا بالله ! مستحيل أن أقول لك ، استهدي بالله وتوكلي عليه ، كله خير من عند رب العالمين وألف مبروك الحمل ....

أغلقتِ السّماعة ، لكن الجنون كان يستعرُ في عينيها ، وخوف ممزوج مع حنق وقلق : ماذا تفعل؟!!!
حاولت رفع أشياء ثقيلة ، وإرهاق نفسها علَّ الجنين يسقط لوحده ، لكنَّه ازداد تمسكا بجدار رحمها ، و رفض أن يتخلى عنها - رغم محاولاتها جاهدة أن تتخلى عنه - ونشب أظافره الطرية في ظلمات أحشائها الثلاث معاندا رغبتها ...
وفي بداية شهرها الرابع استسلمت للواقع ، وقررت أن تراجع الدكتورة وتتابع معها الحمل...
الطبيبة وهي تتفحص بعينها شاشة السونار :
  • ما شاء الله ! كل شيء بخير ، حجم الجنين ونبضه وحركته وكمية السائل حوله ، ولكني لا أستطيع أن أتبيَن جنسه ، فهو في وضعية السجود والحبل السري بين رجليه ، سبحان الله !! انظري !!

رفعتْ رأسها ونظرتْ إليه ، وكان يبدو في وضعية سجود مهيبة ، ويرفع جبهته كل قليل ويعود للسجود ...
وهالها ما رأت ، فهذه أول مرة ترى هذه الوضعية في حملها بأطفالها كلهم !!!
شيءٌما تحرَّك في قلبها ، وأحسَّت بارتباط عجيب مع هذا الجنين ،تضافر مع ندم شديد أنها فكرت في التخلص منه يوما ، وهو يسجد لله بفطرته ، وهي تتذمر ولا تحمده ولا تشكره ...
كم من امرأة تجلس في العيادة خارجا ، تراجع الطبيبة كي تستطيع أن تحمل بطفل واحد ، أوأجهضت طفلا وتريد أن تحمل ثانية ، وهي كانت تريد التخلص من طفلها ، أيُّ أمٍّ ! وأيّ امرأة جاحدة هي !!!!!
تحشرجتْ الكلمات ، وضاعت المعاني وتاهت مشاعرها ، أمام رؤية نفسها العارية ، وأمام العيون التي كانت تحدِّق فيها وهي خارجة من العيادة وكأنّها تلومها ، وتكاد تسمع إحداهن تقول لها : " لم لا تعطيني طفلك أيتها الجاحدة ! "
وأخرى تهمهم : " أي امرأة وأمّ كافرة بنعمة نحن نتمناها كلّ يوم !!! "
هزَّتْ رأسها وأغلقت آذانها بأصابعها وخرجت مسرعةً إلى زوجها لاهثةً ، تتموَّج في عينيها نظراتٌ كقوس المطر مُتدرِّجة بألوان سبعة من : الذهول والتشتت و المحبة و الندم و القلق والخوف والرجاء ....
وقالت:
  • عزيزي ، إذا كان الجنين بنتا : سنسميها" ساجدة " ، وإذا كان ولدا سنسميه : " ساجد " ...

وافقهاعلى الفور وحمد الله أنَّ كل شيء بخير ...

مرَّتْ الشهور الأخيرة متعبة مرهقة ، وحان موعد ولادتها بعد تأخر أكثر من أسبوع ، وكأنه يرفض الخروج ، ويتشبثُّ بإصرار في أحشاء أمه ، حتى حانت لحظات المخاض الرهيب المؤلم ، وخرج إلى الحياة صارخا : طفلا صبيا جميلا ، بسرعة أخذوه عنها بعيدا ، وصارت تنادي الممرضة لإحضاره ورؤيته ، وبعد إلحاحها أحضرته لها وهي تحمله من الخلف ،ووجهه باتجاه أمه المستلقية ، وكان يبكي ، فقالت له بهدوء :
  • لماذا تبكي يا ماما لماذا ؟؟

ومدَّتْ يدها نحوه فأمسك سبَّابة يدها وأطبق عليها بقوة بيده الصغيرة الجميلة ، وكفَّ عن البكاء وهدأ ...
لن تنسى ما حَيِيَتْ عمرها هذه اللحظة، ورابطة فريدة ربطت بينها وبين الصغير ، في تلك اللمسة وتلك اليد الصغيرة الطرية ، التي أطبقت بقوة هائلة على إصبعها ...
بعد أن خلت به ، فكت ثيابه عنه وراحت تتفحص كل جزء من جسده الصغير حتى تتأكد أنَّ الله لم يعاقبها بأخذ جزء منه أوإنقاص إصبع أو تشوّه ما ... واستغفرت لربها ، وشكرته وحمدته كثيرا أن أعطاها طفلا كامل الخلق ..
كم من أشياء كثيرة تُفرض علينا في هذه الحياة ! ونظنُّ أنَّها شرٌّ لنا وأنَّ حياتنا ستكون جحيما معها ، ويتبيَّنُ لنا ولو بعد مدَّة أنها خير لنا بل وخير كثير ، وكنا بجهالتنا وعدم صبرنا وتسرِّعنا سنفقدها وتضيع منا ...
وكم من مرّة نظن أنّها النهاية ! فإذ بها البداية ، فلم لا نشكر ربنا في السَّراء والضراء ونتروى ولا نتعجَّل حتى نتبيّن خيوط النور في كل حكاية من حكايا حياتنا !!!
بقلم أختكم :
مؤيدة بنصر الله


التعليقات (4)
rohefdak
rohefdak
يالله من زمان مااكون اول من يرد عليك
بدايةً مااسعدني بأن أكون اول منيرد على مواضيعك دمتِ لنا يارب العالمين..
قصه مؤثره هل هي تصف شعور أم لم تجرب هذا الشعور ولكنها جربت شعور ان تكون ام بلااحمل ولاولاده آه يالجمال الاطفال جرني الحنين لطفلتي ..
فعلا صدقتِ كم من أمور تحزننا وتبكينا وهي كلها خيرا وخير لكن القلب اذا تمنى هلك فنسلم أمورنا له سبحانه فهو خير رازق وواهب وهو الأعلم سبق وان سمعت محاضره للشيخ عبدالمحسن الأحمد شدني هذا المثال الذي قاله كان قد قال لو ان هناك كأسين كأس حلو وجميل وآخر لا لكن الكأس الجميل كان مسموما ومنعك اباك من شرب هذا الكأس !! بتقول ابوي مايحبني يخليني اشرب من هذذا الكأس !!
ولكن السر المخبأ الذي يجهله الطفل ان اباه خائف عليه من الكأس المسموم..
ولله المثل الأعلى لايحرمنا من جميل الا لأن به سووء لاندركه لكن قلوبنا قليله الايمان به آه يارباه ارزقنا رضاك وقوه الايمان بكك..
ولنتذكر جميعا قوله تعالى{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } سوره البقره
موضوع في غايه الروعه ولعنوانه جذب مارأيت مثله الله يجزاك الجنه ياماما على موضوعك وهفه المبطن بين كلماته جمعتِ بين تعب الأم ووفائها وبين خير الله الذي لاندركه فوائد جمه يجمعها عنوان** خيوط من نورلا ينقطع **

ام عبده 276
ام عبده 276
السلام عليكم أولا بدي ابارك لروحي فيداك على المقعد الأول و على المشاركة الجميلة .... تدوم الطلة الحلوة و ما نتحرم ثانيا ............. عندي كتير حكي ..... لكن مبعرف من وين بدي ابدأ يمكن ابدأ من مروري بنفس تلك التجربة مع طفلي الصغير الذي رزقت به بعد عشر سنوات من صغيرتي !!! طبعا خلال العشر سنوات انشغلت بأمور الحياة و البيت و تعليم الأولاد و غيره و نسيت أمور الحمل و الولادة و الاعتناء بصغير و فعلا خضت نفس تجربة المشاعر بكل ما تحمل من فزع و قلق و ترقب و رجاء ثم رضى و قناعة و بعدين فرح و سعادة و انتظار للمولود بفارغ الصبر !!! و تعلمت من التجربة دروس كتير .... ربي يحفظ لكل ام صغارها ... و يرزق كل مشتاق غاليتي / بعيدا عني و عن ظروفي التي استرجعتها بقصتك الرائعة دعيني أقول انها نص ادبي سلس , قريب من الوجدان , يحمل في طياته العبرة و العظة و في نفس الوقت المتعة طبعا من القصص التي تقرأ اكثر من مرة يسلموا مؤيدة .. و دائما في انتظار حرفك الساحر

مؤيدة بنصر الله
مؤيدة بنصر الله
رغودة ، ابنتي العزيزة :
وما أسعدني بأنك أول من ردّّ على موضوعي ، وأنت تعرفين دئما أني أسعد بوجودك هنا ، وبأنك بخير ..
المثل الذي ذكرتيه مؤثر جدا ، وفعلا أحيانا نتعلق بأشياء ما هي إلا شر لنا وكنا نظن أن حياتنا وقف عليها
وأحيانا نرفض أشياء تُُفرض علينا وما هي إلا خير من رب العالمين لنا ...
أسعدتني أيضا قراءتك للقصة بهذا الأسلوب الجميل ، وأن العنوان جذبك
فكوني دوما بالقرب ، تنثرين شذاك ..

مؤيدة بنصر الله
مؤيدة بنصر الله
غاليتي أم عبد الرحمن :
شكرا لمباركتك لرغودة ، المقعد الأول ، ههه
ويسعدني أنك استرجعت نفس المواقف والمشاعر ، في القصة ، لأن كثير من الأمهات مرت بنفس التجربة ...
وسعدت كثيرا أن القصة أعجبتك بأسلوبها وأنك ستقرأينها أكثر من مرة
ودائما قراءتك عميقة وذكية وحساسة ، لا تحرميني منها أبدا
وكوني دوما بالقرب ..
ألف شكر لمرورك العطر ..

في ذات يوم ماطر بقلمي
كما تموت الأشجار واقفة حكاية من الواقع