واشوقاه للعيناء المرية قصة مثالية

أُحيَّكُم بتحيَّة الإسلام، تحية أهل الجنة الخالدة: السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
أخواتي الفاضلات
سأروي لكُم تلك القصَّة التي تحوي على دروس وعبر وهي حقيقة جميلة بأفعال ذلك
الفتى الشجاع رحمه اللهُ والذي يصْعب علينا حقيقة أن نرى مثلهُ في هذا الزمن
يرْوى أنهُ في مجْلس الذكر والقرآن لعبد الواحد بن زياد قال كُنُّا نتذاكر الشهادة في سبيل الله وفضل الشهداء
والمُجاهدين ثمَّ قرأ قارئ في المجْلس قال تعالى: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهَم بأن لهم الجنة،
يُقاتلون في سبيل الله فيَقتُلون ويُقتَلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوْفى بعهده من الله،
فاستبشروا ببيْعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم ". التوبة 111
فقام غُلام في السَّادسة عشرة من عمْره وقال: ياعبد الواحد " إنَّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهُم بأن
لهُم الجنَّة " فقلت له نعم وكان ذلك الغُلام يتيماً وورث عن أبَويْه مالاً كثيراً قال: فإنِّي أُشْهِدُك يا عبد الواحد بأني
بِعتُ نفُسي ومالي لله على أن يكون الثمن الجنة فقلت لهُ ياصغيري أخافُ حين تسمع صليل السِّيُوف ورمي
السِّهام والرِّماح تفرُّ هاربا قال الفتى: بئس حاملُ القرآن أنا إذا فررْتُ من الموت في سبيل الله.
ويقول عبد الواحد: فلمَّا أجنَّ الصَّباح فكان الفتى أول واحد يحْملُ مالهُ كلهُ معهُ وقال هذا مالي كلهُ جهز به
المُجاهدين في سبيل الله وجهَّز نفسهُ وأعدَّ عدتهُ، فكان ذلك الفتى يقوم الليل ويصُوم بالنُّهار وفي خدْمة الكل
ويرحم الكبير والصغير، ومن الذي ربَّاهُ على تلك الأخلاق الحميدة؟؟ القرآن الكريم هو الذي صنع منه ذلك.
بعد ذلك جهز الفتى نفسه للجهاد في سبيل الله وخرج معهُم فيقول عبدالواحد في ذلك الفتى: فلمَّا صفَّت الصفوف
رأيته فارساً مغْواراً مُجاهداً مُقاتلاً قويِّاً ويتحمَّلُ مالا يتحمَّلهُ الكِبار، وفي يوم من الأيام يقول عبد الواحد اشتدَّ
علينا أذى الكُفار واجْتمعت علينا صفوف كثيرة وعند الظهيرة توَّقف القتال وعندها أخذنا إستراحة فأغْفى ذلك
الفتى قليلاً ثم استيقظ من نوْمِه وهويقول وا شوقاه للعيناء المريِّة فقال جماعتي عنه قد وسْوَسَ الفتى فقلت لهُ ما
بكَ يا فتى فأجابني قائلاً: رأيْتُ رُؤْيا اكْتُمها عليَّ يا عبد الواحد حتى ألقى الله عزوجل فقلتُ له ماذا رأيْت؟
فقال: رأيتُ أني في روْضة من رياضِ الجنة وفيها من الحُور العِين مااللهُ به عليم فإذا هُنَّ يُشرْن إليَّ ويقلْنَ هذا هُوَ
زوجُ العيْناءِ المَريِّة فقلتُ أيْنَ هي العيْناءِ المَريِّة فقالوا انطلق فانطلقت حتى إذا أتيت على نهْرٍ من ماءٍ غير آسن
عليْهِ من الحُورِ العِين ما نسَّاني ما خلَّفْت ورائي فإذا هُنَّ يُشرْن إليَّ ويقلْنَ هذا هُوَ زوجُ العيْناءِ المَريِّة فقلتُ أيْنَ
هي العيْناءِ المَريِّة فقالوا انطلق فانطلقت حتى إذا أتيت على نهرٍ من لبن لم يتغيَّر طعمُه فإذا على جوانبه من الحُورِ
العِين ما نسَّاني ما خلَّفْت ورائي فإذا هُنَّ يُشرْن إليَّ ويقلْنَ هذا هُوَ زوجُ العيْناءِ المَريِّة فقلتُ أيْنَ هي العيْناءِ
المَريِّة فقالوا انطلق فانطلقت أمامي حتى إذا أتيت على نهرٍ من خمْرٍ لذةٍ للشاربين فإذا عليْهِ من الحُورِ العِين ما
نسَّاني ما خلَّفْت ورائي فإذا هُنَّ يُشرْن إليَّ ويقلْنَ هذا هُوَ زوجُ العيْناءِ المَريِّة فقلتُ أيْنَ هي العيْناءِ المَريِّة
فقالوا انطلق فانطلقت أمامي حتى إذا أتيت على نهْرٍٍ من عسلٍ مُصفَّى فإذا عليْهِ من الحُورِ العِين ما نسَّاني ما
خلَّفْت ورائي فإذا هُنَّ يُشرْن إليَّ ويقلْنَ هذا هُوَ زوجُ العيْناءِ المَريِّة فقلتُ أيْنَ هي العيْناءِ المَريِّة فقالوا انطلق
فانطلقت أمامي حتى إذا أتيت على خيْمَة من لؤلؤ مُجَوَّفة مُرتفِعة في عِنان السَّماء فإذا على بابِها من الحُورِ العِين
ما نسَّاني ما خلَّفْت ورائي فإذا هُنَّ يُشرْن إليَّ ويقلْنَ هذا هُوَ زوجُ العيْناءِ المَريِّة فقلتُ أيْنَ هي العيْناءِ المَريِّة
فقالوا هي بالدَّاخِل في انتظارك فعندما دخلت ماذا رأيت؟؟
رأيت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، رأيتُ تلك التي نصيفُها على رأسها خير من الدُّنيا وما
فيها، رأيتُ تلك التي لو ضحِكت غطَّى نور وجهها نور الشمْس والقمَر، رأيتُ تلك التي لو بصِقت في بحْرٍ لُجيُّ
لأصْبحَ عذباً فُراتاً ، رأيتُ تلك التي أنستْني ما خلفتُ ورائي، أردْتُ أن أضُمُّها ولكن قالت لي انتظر يا حبيبي أنت
فيك روح الحياة تفطَّر عندنا اليوم ثمَّ أفقْتُ من النَّوم فواشوقاه للعيناء المريَّة.
كان الفتى صائما رحمهُ الله وهو في أرض القتال والمعْركة، ويقول عبد الواحد في ذلك وما هي إلا لحظات حتى
ظهرت سريِّة من الكُفَّار فأنطلق إليها الغُلام ليِقاتلهم وقتل تسعة وكان هو العاشر فعندما جئت إليه فإذا هو
يتشحَّط بدمه وعلى وجهه إبتسامة وهو يقول أهلا بالعيناء المريِّة.
أسأل الله العليُّ العظيم أن يجمعني وإيَّاكُم في دار كرامته.